مجالس تسوية المنازعات
ماهي مجلس تسوية المنازعات
يمكن تعريف “مجلس تسوية المنازعات” على أنه مجلس مكون من عضو أو ثلاثة أعضاء مستقلين أو أكثر يختارهم الأطراف لمساعدتهم عقب توقيع العقود المتوسطة والطويلة الأجل أو عقب البدء في تنفيذها، مثل عقود التشييد والبناء وعقود المقاولة. يساعد أعضاء مجلس تسوية المنازعات الأطراف في تجنب أو تسوية أي خلاف أو نزاع ينشأ أثناء تنفيذ العقد، كما يساعدون الأطراف على حل الخلافات في مرحلة مبكرة -أو حتى قبل وقوع الخلافات- من خلال خلق مساحات للتواصل بينهم. وهذه ميزة كبيرة تساعد على توفير النفقات، خاصةً نفقات التقاضي أو التحكيم، كما تساعد على توفير الوقت وتجنب التأخير.
مزايا مجلس تسوية المنازعات
تكمن الفروق الرئيسية بين مجلس تسوية المنازعات والآليات الأخرى البديلة لتسوية المنازعات فيما يلي:
• يُعين مجلس تسوية المنازعات في بداية المشروع قبل نشأة أي نزاع وقبل وقوع أي حدث من شأنه إثارة نزاع. ويتابع المجلس المشروع بفاعلية من خلال قيامه بزيارات دورية لموقع المشروع خلال فترة التنفيذ، وربما بعد انتهاء التنفيذ أيضا خلال الفترة المتفق عليها؛
• يكون مجلس تسوية المنازعات ملمًا بشروط العقد وأحكامه وبتاريخ المشروع وبالأشخاص الذين يساهمون في تنفيذه، وبتطورات المشروع الجارية من النواحي الواقعية والفنية والقانونية، ولذلك يمكنه التعامل بفاعلية مع أي نزاع قد ينشأ بين الأطراف؛
• يمكن لمجلس تسوية المنازعات أن يتدخل في مرحلة مبكرة وأن يقترح حلولاً قبل أن يتصلب موقف الأطراف، بل حتى قبل أن يدرك الأطراف أنفسهم أنهم يواجهون خلافًا ما؛
• تعد الوسائل الأخرى البديلة لتسوية المنازعات (مثل التحكيم والوساطة والتوفيق وتحديد الخبراء) إجراءات تتم لمرة واحدة بعد نشأة النزاع ثم تنتهي مهمتها، على نقيض مجلس تسوية المنازعات؛
• وعلى نقيض وسائل تسوية المنازعات الأخرى التي قد يتفق الأطراف على اللجوء إليها في مجال الإنشاءات، يمارس مجلس تسوية المنازعات مهامه بالتزامن مع حدوث الوقائع، لا بعد نشوب خلافات وقعت في الماضي البعيد، كما هو الحال في إجراءات التقاضي والتحكيم.
أنواع مجالس تسوية المنازعات
يمكن لمجلس تسوية المنازعات أن يكون إما مجلس فصل في المنازعات (DAB) أو مجلس مراجعة المنازعات (DRB).
ويمكن لكلا النوعين من مجالس تسوية المنازعات العمل – على أساس وقائي لتوقع وتجنب ظهور المنازعات، ولكن قد تنشأ خلافات كثيرة مع بدء عملية تسوية النزاع رسميًا، وكذلك أثناء إصدار مجلس تسوية المنازعات لتوصياته وقراراته.
مجلس الفصل في المنازعات
عند نشأة النزاع بشكل رسمي، مع إحالة أحد الأطراف للنزاع إلى مجلس تسوية المنازعات، يصدر مجلس الفصل في المنازعات قرارًا بشأن كل إحالة خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا (٨٤ يومًا وفقًا لقواعد المركز لمجالس تسوية المنازعات)، بحسب مذكرات الأطراف.
يكون القرار ملزم تعاقديًا للأطراف بمجرد تسلمه. ومع ذلك، إذا تقدم أحد الأطراف بإخطار رفض خلال المهلة الزمنية (٢٨ يومًا وفقًا لقواعد المركز لمجالس تسوية المنازعات)، فبذلك لا يكون القرار نهائيًا، ويجوز إحالة النزاع إلى التحكيم أو إلى القضاء بحسب الأحوال.
ويتعين على الأطراف الالتزام بالقرار حتى صدور حكم من هيئة التحكيم أو المحكمة المختصة. وعند صدور حكم التحكيم أو حكم المحكمة، يحل هذا الحكم محل القرار الصادر عن مجلس الفصل في المنازعات، حيث أنه قد يختلف عن القرار الصادر سابقًا من المجلس أو يحيد عنه.
مجلس مراجعة المنازعات
عند نشأة النزاع بشكل رسمي، مع إحالة أحد الأطراف للنزاع إلى مجلس تسوية المنازعات، يصدر مجلس مراجعة المنازعات توصية خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا (٨٤ يومًا وفقًا لقواعد المركز لمجالس تسوية المنازعات)، بحسب مذكرات الأطراف.
تكون التوصية ملزمةً تعاقديًا فقط للأطراف، ما لم يكن أحد الاطراف غير راضٍ عن هذا وقدم إخطارًا بعدم الرضا خلال المهلة الزمنية (٢٨ يومًا وفقًا لقواعد المركز لمجالس تسوية المنازعات). إذا قدم أحد الأطراف إخطار عدم الرضا، يجوز إحالة النزاع إلى التحكيم أو القضاء بحسب الأحوال، ولا يتعين على الأطراف الالتزام بالقرار حتى صدور حكم من هيئة التحكيم أو المحكمة المختصة.
إذا لم يتقدم أي من الأطراف بإخطار عدم الرضا خلال المدة المحددة، تصبح توصية مجلس مراجعة المنازعات -كما هو الحال بالنسبة لقرار مجلس الفصل في المنازعات- نهائية وملزمة تعاقدياً للأطراف.
الخلاصة
يتيح نوعا مجالس تسوية المنازعات تسوية فعالة وسريعة للنزاعات الناشئة عن العقد، ومع ذلك قد يفضل الأطراف نوعًا معينًا على الآخر، بحسب علاقتهم وثقتهم ببعضهم البعض وضرورة الاستمرار في أداء التزاماتهم حتى إذا نشأ نزاع بينهم وغيرها من أمور.
فعلى سبيل المثال، في حالة عقود الانشاءات طويلة المدة وواسعة النطاق، قد يكون مجلس الفصل في المنازعات خيارًا ضروريًا أو مفضلاً في حال نشأ نزاع بين الأطراف من أجل تجنب وقف الأعمال والتأخير غير المبرر، مع السماح للأطراف أثناء ذلك باللجوء إلى التحكيم أو القضاء، إذا وجب الأمر، من أجل تسوية النزاعات المتبقية -والتي لم تسوى عبر عملية مجلس تسوية المنازعات-مع استمرار أداء المجلس لأعماله حتى إصدار حكم من هيئة التحكيم أو المحكمة المختصة بهذا الشأن.
وفي حالة وجود علاقة متميزة بين الأطراف، قد يفضل الأطراف مرونة مجلس مراجعة المنازعات، ولذلك يلجئون إليه لأنهم يثقون في حسن نية تنفيذ الطرف الآخر للعقد وأدائه. لذا، يمكنهم الاختيار ما بين إتباع توصيات مجلس مراجعة المنازعات أو الحيد عنها، مع الاستمرار في الوثوق ببعضهم البعض في أدائهم وتنفيذهم المتبادل للعقد والتزاماتهم بموجبه.